يمنات
لأننا لم نُقاوم استيطان العاصمة لسنوات طويلة من قبل مليشيات محسن، ولا تحويل الجيش إلى مليشيات دينية، ولا مليشيا جامعة الإيمان، ولا مليشيا أولاد الأحمر .. علينا الآن التعامل مع مليشيا ستبتلع كل تلك المليشيات، وتضعنا مع مدينتا على أبواب مجهولٍ عريض.
في الصيف ضيعنا اللبن .. وصنعاء لم تُؤكل اليوم بل أُكلت يوم أُكل ثور الدولة الأبيض، على مرأى من عيوننا، وتحت بصر جبننا وتواطؤنا.
لقد كان ما يحدث اليوم متوقعاً، بل لقد كان عنوانه مكتوبا على الحائط منذ سنين.. ولكن من كان منّا يجرؤ على القراءة؟!!
كيف سمحنا لأنفسنا أن نتوقع أن 37 عاما من الفساد المهول، ومن التدمير الممنهج لمشروع الدولة، ومن الإفساد اليومي للسياسة، وللعسكرية اليمنية؛ لن تنتهي بنا إلى كارثة كالتي نعيشها الآن؟؟
يا للعمى؛ كيف افترضنا أن سماحنا ل”11 فبراير” بالتحول إلى محطة لغسل تاريخ “محسن” (هامان “صالح” أو العكس) وتاريخ الفساد برمته، سيعيد تصحيح كل شيء، ولن يولّد ردّةً حادة في حلم اليمنيين بالانعتاق الأبدي، ردّةً تحولت إلى انفجار هائل كهذا الذي يهز أرجاء صنعاء، ويخلع قلوب سكانها الطيبين منذ ثلاث ليال؟!!!
لقد كنا في 2011، وصولا لتسليم صالح للسلطة، قد وضعنا العجلة الأمامية على السكة الصح، ولكن فوجئنا بتيارٍ منّا يُسلّم كابينة القيادة لذات الجنرال الذي قاد عملية السطو على القطار، فيما كان اليمنيون يحاولون الإفلات منه أصلاً.
وهكذا تم حرف مسار التاريخ، ولا شيء ألعن من الاضطراب الذي يثيره خروج صيرورة تاريخية معينة عن سكتها الطبيعية؛ لقد وُلِدت جحافل “الحوثيين” المصوِّبة (والمُصَوّٓبة) على صنعاء، من رحم هذه الانتكاسة تحديدا (ولم تكن ستغادر صعدة، مهما كانت مشاريعها المفترضة؛ لو أنجزت صنعاء تغييرا حقيقيا يكبح كل إمكانية لتطور التعبيرات العنيفة كتعويض عن فشل التغيير السلمي).
و سواء كانوا جحافل من ملائكة أو من شياطين، فإنهم، وهم جزء من أرضنا المحروقة؛ يبدون كما لو كانوا رسل التاريخ لمعاقبتنا على إساءتنا للتاريخ وللمستقبل. ولسوف يدفعون معنا ثمن خطيئاتنا، إذ سيصبحون بدورهم، في حال استمر أداؤهم على هذا النحو؛ امتدادا لتاريخ الدولة/ المليشيا.. أو الدولة/ القبيلة.
الأغبياء وحدهم من لايذهبون في قراءة الأحداث العاصفة إلى أبعد من أنوفهم..
وليتهم يعرفون أنه حتى حكة الأنف قادمة من سبب .. وأن البحث عن السبب لا يعني التبرير للهرش.
أيتها العقول المسطحة؛ كفى استعراضا لضحالتكم في “فيس بوك”.. حكوا أنوفكم والعنوا الحوثيين “البرابرة” حتى يغلبكم النوم، وإني على ثقة أنكم لن تستيقظوا يوماً الا وقد نسيتم الحوثيين وتعايشتم مع سلاحهم كما تعايشتم مع محسن وحميد وحسين وكل أنواع بكتيريا الجلد والجيوب الأنفية.
السماء وحدها أرحم بهذا الوطن.
من حائط الكاتب على الفيس بوك